دعنا نتفق في البداية أن حياة طلبة الدراسات العليا تختلف اختلافًا كبيرًا عما كانت عليه أيام
الدراسة الجامعية. لذلك، سرعان ما يدرك الكثير من
هؤلاء الطلبة أن حياتهم تمثل تحديًا من نواحٍ عديدة، وهو الأمر الذي
قد يؤرقهم في تخصيص الوقت الكافي لزيادة إنتاجيتهم، وإدارة
مرحلتهم العلمية بشكل أفضل. وعلى الرغم من تلاشي الوهم العابر المتمثل في أن طالب الدكتوراه قد
تجاوز صعوبة مرحلة الدراسات العليا، عبر دراسته في مرحلة الماجستير، ليتبدد في
حقيقة أنه يجد من الصعوبة الحصول على كثير من وقت الفراغ، وأن نمط حياته ربما تبدو أكثر صعوبة من القيام بمهام وظيفية بدوام كامل. سنركز في هذه المقالة على الجوانب الرئيسة التي من الممكن أن تساعدك في إنشاء
روتين فعال؛ للتعامل مع أنماط حياة طلبة الدراسات العليا، بما يتناسب بشكل حيوي مع هذه
المرحلة، مع تقديم نصائح حول كيفية أن تقوم بمتطلباتك كطالب للماجستير أو الدكتوراه؛ بما يضمن
لك إدارة وقتك بالشكل الأمثل وزيادة مستوى الإنتاجية في أنشطتك ودراستك.
* ضع جدولًا زمنيًا منتظمًا:
تعد دراسة الماجستير أو الدكتوراه محطة هامة للطلبة والباحثين؛
لذلك يجب عليك أن تدرك مبكرًا أهمية التزامك بوضع جدول زمني صارم، لتحقيق هدفك التي
تسعى إليه، سواءً أكنت طالبًا متفرغًا أو موظفًا أو تتولى مهام تعليمية أو إدارية
أثناء دراستك للماجستير أو للدكتوراه. وبالتالي، عند النظر إلى نوعية المهام المختلفة المتوقعة
منك تحقيقها أثناء هذه المرحلة، فمن الجيد أن تكون مرنًا حتى تتمكن من أداء المهام
الجديدة، والتغلب على التحديات غير المتوقعة التي تظهر في طريق دراستك. وفق هذه الخطوة،
فإن حياتك كطالب للماجستير أو للدكتوراه تكون أكثر قابلية للإدارة والنجاح؛ شريطة البدء بالتخطيط وتوزيع المهام والأنشطة المطلوبة منك في هذه المرحلة، وهو ما يساهم
بشكل أفضل في تجاوز العثرات، وتقليل الشعور بالإرهاق من كثرة ما تؤديه.
* هيكلة أعمالك وأنشطتك:
من البديهي اختلاف روتين حياة طلبة الدراسات العليا؛ اعتمادًا على مجال دراستهم وطبيعة أنشطتهم الدراسية. على سبيل المثال، يميل الباحثون أو الدراسون في نطاق العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى قضاء فترات أطول من الوقت المعتاد في القراءة والبحث عن الموارد المطبوعة أو عبر الإنترنت من الكتب والمجلات والدوريات والمواد الأرشيفية. كجزء من عملهم البحثي، يمكن أن يتعين عليهم أيضًا تصميم الاستطلاعات وتنفيذها وإجراء المقابلات. في حين عادةً ما تتضمن أنماط حياة طلبة الدراسات العليا في مجال العلوم الطبيعية والطبية قضاء الوقت في إجراء التجارب في المختبرات. بمجرد أن تكون لديك فكرة أفضل عن نمط حياة طلبة الماجستير أو الدكتوراه، قم بتنظيم عملك وخصص أوقاتًا محددة لأداء مهامها؛ لضمان ألا يستغرق القيام بها وقتًا أطول. تشمل هذه الأنشطة روتين الحياة وجوانبها، ومتطلبات الدراسة الأكاديمية، وإجراء البحث بما في ذلك الوقت المخصص للدراسة والقراءة والكتابة، والتواصل العلمي والاستعداد لمناقشة الأطروحة.
* حدد أهدافًا قصيرة وطويلة المدى:
بمجرد فهمك لنوع المهام المطروحة ولديك نظام روتيني، فقد حان الوقت الآن للبدء في تحديد أهداف جديدة لكل يوم في حياتك كطالب للماجستير أو للدكتوراه. لذلك، من المهم للغاية أن تجعل نفسك معتادًا على استخدام مخطط يلبي احتياجاتك ويحقق أهدافك على المدى القصير أو البعيد، لتنظيم نمط حياتك الخاص بك وتدوين المهام المتعلقة بذلك. يمكن أن تكون أهدافك تتعلق بالقراءة البحثية الخاصة بك، أو صقل بعض مهاراتك الأساسية كباحث، أو كتابة المسودات الأولية في إنشاء أطروحتك البحثية. احرص على تحقيق الأهداف المدرجة، دون المساومة على الأعمال ذات الصلة بدراستك؛ لأن هذا يمكن أن يؤثر على حياة طلبة الدراسات العليا، من خلال أنه يؤدي إلى التأخير في إنجاز ما أوكل إليك من أنشطة وأعمال بحثية أو تعليمية، وأحيانًا يرافقه زيادة حجم الضغوط الناتجة عن هذا التأخير؛ مما ينعكس سلبًا على الاستفادة القصوى من هذه المرحلة.
* قسط كافٍ من الراحة والنوم:
يتألف نمط حياة طلبة الدراسات العليا لا سيمّا طلبة الدكتوراه غالبًا من الكثير من أعباء العمل ومواعيد إتمامه الضيقة على النحو المطلوب؛ ما يدفع الكثير منهم إلى التضحية بوقت راحتهم ونومهم لإتمامها. ومع ذلك، ليس هذا الأمر صحيًا كما تعتقد، حيث يتوجب على الباحثين في بداية حياتهم المهنية التأكد من حصولهم على نوم جيد لا يقل عن 6 ساعات، حتى يتمكنوا من العمل على النحو الأمثل. يعد الجمع بين نمط النوم هذا وجدول عمل تصل مدته إلى 12 ساعة أسبوعيًا روتينًا جيدًا، يمكن أن يساعد في تحسين نمط حياة طلبة الدراسات العليا. خذ بعين الاعتبار أن قلة النوم والراحة؛ يمكن أن يؤثر على مدى الانتباه والتركيز لديك، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في حدوث الكثير من الأخطاء، فضلًا عن الإرهاق الناتج عنهما الذي غالبًا ما يؤدي إلى مشاكل صحية أخرى. من المهم جدًا لطلبة الماجستير أو الدكتوراه التأكد من حصولهم على مقدار نوم جيد، مع أخذ فترات راحة صغيرة متكررة للبقاء بصحة جيدة، والاستعداد بشكل حيوي لإنتاج المهام والأعمال المطلوبة.
* امنح نفسك إجازة ليوم واحد:
من الطبيعي أن تملئ حياة طلبة الدراسات العليا، على وجه الخصوص طلبة الدكتوراه، مجموعة واسعة من التحديات، حيث عادة ما نجد الكثير منهم متوترًا بشأن العمل والمواعيد النهائية التي تلوح في أفق دراسته وبحثه، ما يجعلهم في حالة من الفوضى والتشتت والحيرة في مواضع مختلفة. إن كنت تهدف إلى تحسين نمط حياتك كطالب للماجستير أو الدكتوراه؛ فمن الضروري تجنب هذه الحالات، من خلال منح نفسك يومًا واحدًا من الإجازة الأسبوعية عن القيام بأي من الأعمال المتعلقة بهذه المرحلة الدراسية، مع القيام بممارسة هواياتك المفضلة، أو تبادل الزيارة مع العائلة والأصدقاء، أو تخصيص بعض الوقت للتنزه والاسترخاء إن شئت. من المرجح أن ينعكس هذا على ضمان راحة بدنك وعقلك وقدرتهما على مواجهة أيًا من التحديات الطارئة، في الوقت الذي تواصل رحلتك نحو تحقيق أهدافك وطموحاتك، والحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه.
* خصص وقتًا للتأمل وممارسة الرياضة:
لا ينبغي إغفال مثل هذا الجانب الفعّال، الذي يجب
إدراجه في حياة طلبة الدراسات العليا بدرجة كبيرة. إلى جانب أنه من المفيد
دائمًا الاستيقاظ مبكرًا، وتصفح أهدافك ومهامك وأنشطتك المدرجة لهذا اليوم؛ من المهم من ناحية
أخرى أيضًا أن تخصص بعض الوقت لممارسة أي نوع من أشكال الرياضة وأنشطة اللياقة البدنية في روتينك
اليومي. إن دمج أنشطة الاسترخاء والتأمل مع ذاتك، يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا في الحفاظ على الصحة
العقلية والجسدية وتعزيزها، علاوة على جلب الثقة بما تمتلكه من مهارات وقدرات،
وتحسين الاحتفاظ بالذاكرة، وصفاء النفس من الشوائب، مما يسهم بتكوين خلفية معرفية تساعدك على التفوق
والنجاح في مرحلة دراستك العليا.
الخلاصة .. حياة طلبة الدراسات العليا
كما أسلفنا في
مقدمة هذه المقالة، يمكن القول إن غرس مثل هذه العادات البسيطة في نمط حياتك كطالب
للماجستير أو الدكتوراه؛ لا يساعدك على أن تكون أكثر إنتاجية، وإدارة المهام غير المخطط لها
بشكل أفضل فحسب، بل سيضمن أن حياتك كطالب الدراسات العليا من المتوقع أن تتمتع
بتوازن صحي، يشمل أنشطتك المختلفة بين دائرة الحياة والدراسة والعمل. في الختام،
نأمل أن تساعدك هذه النصائح بشكل أو بآخر في إنشاء روتين مثالي، وتسريع رحلتك
الدراسية لنيل درجة الماجستير أو الدكتوراه. ولكن، ماذا عنك أنت، هل بالفعل تتبع بعض العادات
السابقة أو أخرى مختلفة عن تلك المدوّنة بالأعلى؛ نتمنى أن تخبرنها عنها في حساباتنا الاجتماعية، وتساعد بها غيرك في تحقيق أهدافه.