يتم إجراء اكتشافات جديدة
مذهلة من قبل العلماء والباحثين طوال الوقت في مجموعة متنوعة من التخصصات، بما في
ذلك الرعاية الصحية والزراعة والبيئة والتكنولوجيا وغير ذلك الكثير من التخصصات.
من الأهمية بمكان مناقشة التطورات والاكتشافات في هذه الدراسات؛ لأنها تتيح للباحثين
التأكيد على أهمية نتائجها. من أجل مشاركة أهمية وتأثير عملهم مع المجتمع الأكبر،
يجب على الباحثين توصيل نتائج أبحاثهم وإنجازاتهم بشكل فعال. لقد أصبح التواصل
العلمي الفعال أبسط بكثير اليوم، حيث يمكن لطلبة الدراسات العليا والباحثين
استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب عبر الإنترنت أو دون الاتصال به لإشراك
الجماهير.
بالإضافة إلى التقارير
والمقالات والمؤتمرات والمشاركة الإعلامية التي راجعها النظراء، يمكن أيضًا نشر
البحث العلمي من خلال منصات التواصل الاجتماعي، عن طريق التغريد والتدوين ونشر
المنشورات. إن التواصل العلمي الفعال وإشراك الجمهور بنشاط في المناقشات
والمحادثات حول البحث مفيد في كلتا الحالتين، ويسهم في عرض النتائج بشكل جيد وبناء
مصداقيتك وتعزيز سمعتك كباحث.
من المثير للاهتمام أن
نلاحظ أن تصنيفات قابلية القراءة لمقالات البحث العلمي آخذة في الانخفاض بشكل
مطرد؛ حيث زاد حجم المؤلفات البحثية باستمرار على مدار العقدين أو الثلاثة عقود
الماضية. نظرًا لأن الجماهير غير العلمية تجد عادةً قراءة وفهم مواد البحث جافة
ومملة، كثيرًا ما يجد الباحثون المثقلون بالأعباء أنفسهم يتصارعون أو يكافحون إن
صح التعبير من أجل التواصل العلمي الجذاب والفعال. ووفقًا لتقرير اليونسكو للعلوم
2021، فإن التواصل العلمي الجيد هو المسؤول عن توفير المعلومات الدقيقة والصحيحة،
وتساعد الجمهور في الوقت المناسب على فهم القضايا المهمة والتعرف على المعلومات
المضللة.
مزايا التواصل العلمي الجيد
توسيع نطاق الجمهور: لا يضمن نشر ورقة بحثية في
مجلة دولية مزيدًا من التعرض أو جلب المزيد من القراء في جميع أنحاء العالم. إن
القدرة على تسويق المقالات البحثية بنشاط سواء على الإنترنت أو خارجه أمر لا بد
منه للباحثين. في الواقع، لقد انفجرت منصات وسائل التواصل الاجتماعي خلال سنوات
الوباء، مع تبادل المعرفة العلمية، التي كانت في متناول الناس في شتى دول العالم.
يمكن للباحثين التأكد من قراءة نتائجهم وفهمها حتى من قبل الجماهير غير الأكاديمية
على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام التواصل العلمي الفعال.
زيادة الاستشهادات والتعاون: يمكن للباحثين مشاركة
عملهم وأساليب البحث مع زملائهم في تخصصات الدراسة الأخرى، أو أولئك الذين ليس
لديهم إمكانية الوصول إلى المجلات غير المدفوعة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي
والمؤتمرات الأكاديمية وحتى وسائل الإعلام. يمكن أن يؤدي اكتساب جمهور أكبر
لأعمالك البحثية إلى تعاون بحثي مستقبلي، بالإضافة إلى زيادة احتمالية قراءته
والاستشهاد به من قبل القراء في دول مختلفة حول العالم.
تحسين سمعة الباحث: يزيد الاتصال العلمي الحيد
درجة قابلية القراءة للبحث العلمي، مما يساهم في فهم الجمهور وثقته بشكل عام. كذلك
كلما زاد عدد الاستشهادات التي يُتوقع أن تتلقاها جهة النشر الخاصة بك بمرور
الوقت، سيساعد ذلك في ترسيخ مصداقيتك وخبرتك كباحث وتعزيز سمعتك أيضًا.
فتح فرص تمويل أفضل: يتم توفير آفاق تمويل
الأبحاث عندما ينقل الباحثون بنشاط أهمية نتائج أبحاثهم وتأثيرها وأهميتها. من
خلال القيام بذلك، فهم لا يزيدون من مصداقية أعمالهم فحسب، بل يضعون أنفسهم أيضًا
كباحثين موثوق بهم وجديرين بالثقة. هذا هو أحد أهم العوامل التي تأخذها مؤسسات
التمويل في الاعتبار، عند التفكير في اتخاذ قرار الموافقة على المنح من عدمه. من
أجل النهوض بحياتك الأكاديمية، يعد الاتصال العلمي الفعال أمرًا بالغ الأهمية،
لتوظيف وتأمين تمويل الأبحاث في المستقبل.
كيف تصبح محاورًا علميًا جيدًا؟
قد يكون من الصعب معرفة من
أين تبدأ عند محاولة شرح العلوم للأفراد، الذين ليس لديهم خلفية مسبقة بالموضوع.
وعلى اعتبار أن هذه المهمة تبدو شاقة، يُطرح السؤال حول ما إذا كان بإمكان
الباحثين تقديم أفكارهم بدقة دون تعقيد وبشكل مثير وجذاب لاهتمام الجمهور الأوسع؟
التعرّف على جمهورك: يمكن للباحث فهم نوع وتدفق
الاتصال الضروري لإجراء بحث معين، من خلال فهم جيد للجمهور المستهدف. على سبيل
المثال، عند التحدث مع الطلبة، لا يمكنك استخدام نفس نبرة الصوت التي ستستخدمها
عند التحدث مع العلماء والخبراء والباحثين. وبالمثل، لا يمكنك التحدث إلى الجمهور
باستخدام مصطلحات تقنية للغاية قد تستخدمها مع زملائك أو أصدقاءك.
تجنب استخدام المصطلحات غير
الضرورية:
وفق آراء خبراء البحث، فإن استخدام المصطلحات أدى إلى تقليل مؤشر قابلية القراء
للأوراق العلمية التي تم نشرها في المجلات العلمية الشهيرة خلال العقود الثلاثة
الماضية. يمكن أن يتسبب استخدام لغة معقدة تتضمن مصطلحات غير هامة إلى سرعة تنفير
القراء عن قراءة البحث، أو يفضي إلى تفسيرات خاطئة يحتمل أن تضر الباحث بقضيته
وبحثه.
قدم التشبيهات والأمثلة: من أجل الوصول إلى جمهور
أكبر، يجب على الباحثين شرح فكرة أبحاثهم بدقة وبطريقة بسيطة سهلة الفهم. لمساعدة
الأفراد على تذكر الموضوعات والاحتفاظ بها بشكل أفضل، استخدم المقارنات أثناء وصف
مشكلة الدراسة والنتائج أو الحلول. حتى يتم إشراك الجمهور بصورة جيدة؛ لا تتردد في
استخدام وتضمين الأمثلة والرسومات والصور والجداول والرسومات البيانية والمخططات
ذات الصلة، وما إلى ذلك عند القيام بهذه الخطوة.
استخدم وسائل الإعلام بشكل
فعال: عند
النظر بأنه لا يمكن لأي نظام أساسي أن يلبي مختلف احتياجات جمهورك؛ فعليك استخدام
مزيجًا متوازنًا من وسائل الإعلام القديمة المطبوعة وعبر الإنترنت، أو وسائل
الإعلام الحديثة التي تتضمن وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات الإلكترونية
والبودكاست، وغيرها من المنصات الأخرى. لا توجد منصة واحدة يمكنها إرضاء جميع
مشاهديك أو متابعيك، لذلك كن على دراية بمكان تواجدهم، واستخدم القنوات الأساسية
المناسبة للتواصل معهم والوصول إليهم. تعد وسائل التواصل الاجتماعي مثلًا طريقة
رائعة لمشاركة أبحاثك بطريقة بسيطة، بينما قد تساعدك شبكات الاتصال متعددة اللغات
في الوصول إلى جمهور أوسع. يمكنك أيضًا تحديد القنوات بناءً على التنسيق المفضل،
فمثلًا يعتبر تطبيق انستغرام مثالي لاستخدام عناصر المحتوى المرئي والرسومات، في
حين يشكل تطبيقا الفيس بوك ولينكد إن أفضل لإنشاء المجتمعات الافتراضية والتفاعل
مع جمهورك عبر الإنترنت.
ركز على تجنب المفاهيم
الخاطئة وسوء الفهم:
عليك بالالتزام بموضوع بحثك ومجال خبرتك، لأن التواصل مع الجمهور يحمل الكثير من
المسؤولية. سيمكنك هذا من شرح بحثك ووصف نتائجك بشكل فعال، وتقديم إجابات دقيقة
على أي استفسارات محتملة بشكل جيد وصحيح. يمكن لوجهات النظر المتناقضة أو المثيرة
للجدل عبر الإنترنت أو في وسائل الإعلام أن تحظى بقدر كبير من الاهتمام؛ مما قد
يولد مفاهيم خاطئة وانعدام الثقة في العلم، وهو أمر يجب تجنبه بأي ثمن على أي حال.
لا يساعد الاتصال العلمي
الفعال في خلق الدعم المناسب للعلم والباحثين فحسب، بل يؤدي بالطبع أيضًا إلى
اتخاذ قرارات مستنيرة وصنع سياسيات داخل المتجمعات المعنية بها بشكل أفضل. بالنسبة
للكثير من الباحثين اليوم، فقد أصبح تطوير مهاراتهم في التواصل العلمي واكتساب فن
إتقانه ذا أهمية متزايدة لهم. في الختام، نحن على يقين وثقة تامة من أن المعرفة
والمعلومات التي طرحناها أعلاه؛ ستساعدك بلا شك في بدء عملية التواصل العلمي بشكل
جيد. ولكن، ماذا عنك أخبرنا عن الطرق الفعالة من وجهة نظرك، التي تعتقد بأنها مهمة
للباحثين وطلبة الدراسات العليا، ليكونوا على تواصل علمي مناسب فيما بينهم.